كارثة بيروت غيّرت وجه المدينة.. لبنان حبيس الأزمات!

شام تايمز – سارة المقداد

مضى شهر عقب انفجار مرفأ بيروت، تغيّرت فيه أجزاء واسعة من معالم المدينة التي تعاني منذ أشهر تداعيات أزمة اقتصادية قاسية، واستقطاباً سياسياً حاداً في مشهدٍ تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية، ولا تتوقف خلاله أعمال البحث عن مفقودين قد يكون أحدهم على قيد الحياة في مبنى مهدّم بمنطقة “مار مخايل” تحت الركام، في ظل اتخاذ آخرين قرار الهجرة هرباً من الركام القادم!

ومع تنظيم مئات اللبنانيين، الجمعة، وقفة رمزية قرب “تمثال المغترب” في مكان وقوع انفجار مرفاً العاصمة اللبنانية، الشهر الماضي، تحت عنوان “إكراماً للإنسان”، تساءل كثيرون عن نتائج انفجار “سفينة الموت”، وماذا فعلت بوجهة لبنان؟

يؤكد المحلل السياسي “ناجي أمهز” لـ “شام تايمز” إن لبنان قبل 4 آب مختلف كلياً عما بعده، فقد أظهر الفساد وحجم الاهتراء بصورة لا تقبل الشك أن لبنان كمؤسسة قائمة قد انتهى تقريباً، بعد أن تجاوز دينه العام المائة مليار دولار بالإضافة إلى انهيار الليرة، حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية والأدوية، مع كلام عن عجز الدولة بالاستمرار بدعم الطحين ومشتقات النفط، ناهيكم عن فقدان الثقة بالقطاع المصرفي داخلياً وخارجياً فمن بعد اليوم مستعد أن يودع أمواله بأي مصرف وهو يشاهد ما يحصل يومياً مع المودعين، الذين فقدوا ودائعهم، أما البطالة التي تجاوزت ال ٤٨% فأنها تهدد الحياة الأسرية، مما يعني بأن الانهيار الاجتماعي قادم لا محال.

وأضاف “أمهز” تدخل “ماكرون” بالشأن اللبناني فهو ليس نتيجة ما حصل بالمرفأ أو بسبب خلاف مع الرئيس الأمريكي “ترامب”، وإن كان هناك تباين بوجهات النظر ولكن هذا التباين ليس على من يخدم لبنان أكثر، بل من يستطيع أن يخدم النظام العالمي أكثر وبالطريقة الأوفر والأفضل.

وأفاد المحلل السياسي “فيصل عبد الساتر” لـ “شام تايمز” بأن اللبنانيون أحيوا وسط حالة من الحزن ذكرى مرور شهر على الانفجار، فالتفجير الشبه نووي ترك الكثير من الخسائر على كل المستويات، خاصة أن اللبنانيون بحالة وجوم ينتظرون نتائج التحقيقات التي يعمل عليها المحقق العدلي “فادي صوان” الذي أوقف 25 شخصية في القضاء لمعرفة حقيقة ما جرى، مبيّناً أن الانفجار كشف عن طبيعة النظام المهترئ وحجم الفساد الذي يضرب المؤسسات، كما أنه ساهم في إسقاط هيبة الدولة بشكل كبير، وهذا كله نتيجة ما أقدم عليه المسؤولون من تكريس المؤسسات لمنطق الفساد والمحسوبيات.

ويشير الإعلامي اللبناني “فراس خليفة” لـ “شام تايمز” إلى أن لبنان أساساً كان بحالة سيئة جداً قبل وقوع الانفجار، ومجيئ الانفجار كان بمثابة الضربة القاضية لكل العوامل الاجتماعية والسياسية والمالية والاقتصادية، مبيّنا حالة الإرباك الشاملة التي يشهدها اللبنانيون نتيجة الغياب المباشر للدولة وعدم استطاعتها إنجاز تحقيق على المستوى التقني أو إنهاء ملف الضحايا، على الرغم من وجود استدعاءات وتوقيفات ولكن حتى الآن لا شيء يرتقي لمستوى الحدث والجريمة التي حصلت.

وأضاف “خليفة” هذا الانفجار عزّز فكرة اللبنانيين بانهيار المنظمة السياسية الولّادة للمشكلات، الجمهور اللبناني الآن يعيش حالة “حبس النفس”، متأملين بوجود شخص حي تحت الركام، مبيّناً أن المهم الآن هو الصمود والمقاومة وإحياء النفس من جديد، معتبراً أن ما حصل يجب أن يكون فرصة للنهوض من جديد بعيداً عن شعارات الأسطورة وطائر الفينيق.

بدوره بيّن مسؤول مكتبة الرافدين في بيروت “أحمد غريب” لـ “شام تايمز”، أنه من الواضح في هذا اليوم وبعد مرور شهر على تفجير مرفأ بيروت أن التأثير كان كبيراً جداً على جميع المستويات، لا سيما على الوضع الثقافي منها، قائلاً: صحيح أن البلد يتأثر بالوضع الاقتصادي السيء الذي تمر به، لكن التفجير جاء أيضاً ليضيف بصمة واضحة جعلت هذا المجال في حالة جمود تام، كما هو الحال في معالم البلد الجغرافية التي تغيرت بفعل ما حصل، أيضاً القراء و المثقفين، أصبح اقتنائهم للكتب يقتصر على كل ما هو ضروري فقط، أو بكل ما يتعلق بالمرحلة الحالية المواكبة للأوضاع بشكل عام على صعيد البلد ككل.

وشهدت بيروت في 4 آب 2020 انفجاراً مروعاً، نتيجة اندلاع حريق بمخزون ضخم من مادة نيترات الأمونيوم يُقدّر بحوالي 2750 طن، والذي كان مُخزناً في مرفأ بيروت.

شاهد أيضاً

كندا تشترط على رعاياها النساء من أسر “داعش” إعادة أطفالهن فقط

شام تايمز – متابعة كشف تقرير عن رفض الحكومة الكندية استقبال نساء من رعاياها من …